الشمال الغربي التونسي العادات النوميدية البربرية

الشمال الغربي التونسي يحتفل بـ"عيد ميـو" أحد العادات النوميدية البربرية

May 12, 2014
تونس-رمزي زائري
تستعد مدينة الكاف (شمال غربي تونس) لاحتضان الدورة الرابعة والعشرين من "عيد ميو" وهو من العادات النوميدية البربرية فهذا المهرجان الذي يقام وعلى امتداد عشرة أيام من 16 و إلى غاية 25 مايو الجاري، له طوقوس تاريخية تعود أصوله إلى آلاف السنين يحييه التونسيون فوق آثار مدينة رومانية تعرف باسم "سِكّا فِنِيرِيَا" Sicca Veneria نسبة لفينوس آلهة الحب والجمال ومنها يتأصل اسم مدينة الكاف الذي أطلق عليها في القرن العاشر ميلادي .
ما زال مهرجان «ميو» السنوي ينجح في إحياء التراث العريق للشمال الغربي وخصوصا مهرجان الاحتفال بالربيع، والبعض يسميه «خرجة ميو»، وهو يعود إلى العهود البربرية كما أشرنا وتتمثل أهم مظاهره الأصلية في خروج الناس إلى الطبيعة احتفالا بنهاية أيام البرد والجليد في مرتفعات الشمال الغربي التونسي ويجمعون أغصان النباتات والزهور البرية لتعليقها في مداخل البيوت تفاؤلا بقرب الحصاد.
و تبرز أكلة «البرزقان» كأهم مظاهر هذا الاحتفال وهي  تتكون من "كسكسي" يصنع من القمح الصلب ويطبخ بالفواكه وخصوصا بقطع كبيرة من لحم الضأن. وقد تواصل هذا الاحتفال البربري مع دخول العرب المسلمين الذين تبنوه وحافظوا عليه، ثم تحول منذ أكثر من أربعة وعشرين عاما إلى تظاهرة ثقافية سنوية في منتصف شهر ماي. وتعمل إدارة المهرجان في كل دورة على تثمين قيم الطبيعة والتراث الشعبي العريق وخصوصا في المجال الغذائي والصحي ونمط عيش المزارعين عموما.
وستشهد هذه الدورة تركيزا كبيرا على بيئة المدينة ومسألة النظافة وذلك ضمن عدة تظاهرات للتحسيس والتطوع بالتنظيف ومساعدة سكان مدينة الكاف على استعادة وجهها الجميل الذي اشتهرت به طويلا. وفي إطار نشاطات جمع صيانة وإنماء مدينة الكاف، سيتم افتتاح مكتب التوجيه والإعلام السياحي الذي طالبت به الجهة منذ أعوام خصوصا بعد أن تولت الجمعية تكوين عدد هام من شباب الجهة من حاملي الشهائد العليا في التوجيه والإرشاد السياحي. وستقدم الجمعية بهذه المناسبة جملة إنجازاتها في المدة الأخيرة في إطار تثمين معالم الجهة وتوظيفها حضريا وسياحيا.
وكما في عدة دورات سابقة، تعد جمعية صيانة وإنماء مدينة الكاف برنامجا ثقافيا ثريا يتوزع على العديد من أماكن العرض والاحتفال، وستكون الفنانة الخالدة ابنة الجهة "صليحة" حاضرة في هذه الدورة في عدة مناسبات سواء عبر توزيع قرص مدمج يتضمن أفضل أغانيها، أو عبر استعادة تلك الأغاني الخالدة حيث تكشف الجهة أن لديها المزيد من الأصوات الرخيمة الجميلة والكثير من عشاق الموسيقى الراقية، ليس فقط البدوية، بل خصوصا الموسيقى الوترية التي تجد إقبالا كبيرا في الجهة عبر عشرات الفرق الموسيقية التي مازالت محافظة على تعليم نوبات المالوف التونسي في المدينة، بالإضافة إلى مشاركات موسيقية شبابية كثيرة، حيث يطلب الجيل الجديد من أبناء الجهة سماع عروض الراب مع "كافون" مثلا.
بالتوازي مع برنامج المهرجان، سوف يجد عشاق المدينة فرصا كثيرة في هذه الدورة للخروج إلى الطبيعة عبر عدة مسالك سياحية تؤدي إلى غابة "جنان بنت الري" شمالا حيث يمكن التمتع بمشاهد ربيعية رائعة يمتد فيها البصر لرؤية مائدة يوغرطة في أيام الصحو على بعد أكثر من 70 كلم، وبحيرة الكاف حيث تنتظر خيرات الحبوب آلات الحصاد، أو طريق الدير صعودا إلى مرتفعات الدير وسيدي منصور، حيث يمكن أن يروا حوض وادي ملاق الشهير وبحيرته الساحرة، وسيختار آخرون طريق حمام ملاق وسط المرتفعات المكسوة بغابات الصنوبر والضرو، ليس فقط من أجل الاستحمام في حوض روماني بني منذ أكثر من 18 قرنا وما زال على حاله كما تركه الإمبراطور الروماني أدريان، بل من أجل الاستماع بالطبيعة ومحاسنها.

Commentaires

Posts les plus consultés de ce blog

قائمة أولية لرياض ومحاضن الأطفال المتحصلة على وصل ايداع كراس الشروط بولاية سوسة

الثقافة قلب المجتمعات النابض بالحياة

زائف "إقالة وزير التربية محمد علي البوغديري"